أليوم إذا سمعتم صوته، فلا تقسّوا قلوبكم (عب 7:4)
أليوم أتانا الغني فصار فقيرا، إبن الله صار معنا ليُخرجنا من عزلة الوحدة ويُدخلنا في بهجة الملكوت، جاء الينا من سكون السموات لينشلنا من هدأة الموت!
جاء الى غربتنا ليعيدنا الى بيت أبينا، وما عودة يوسف ومريم من الجليل الى اليهودية، من الناصرة الى بيت لحم، سوى إشارة واضحة لتلك العودة المحتومة الى الجذور التي منها انطلقنا، والى القواعد الحقيقية التي أضرمت فينا اولى علامات الحب، وأولى إشارات السلام وأولى تطلّعات الأمل والرجاء.
هناك في تلك الجذور تحل النعمة الالهية والبركات السماوية، فمريم اقتربت ساعة ولادتها لحظة وصولها الى بيت لحم، وبرغم برودة المكان، وقسوة الانسان، وظلمة الزمان، حلّت النعمة وحانت ساعة الولادة، وكان الفرح العظيم الذي أضحى البشرى السارة التي ملأت كل الزمان وكل المكان.
"إني أبشّركم بفرح عظيم" كانت هذه كلمة الملائكة الى رعاة بيت لحم في ذاك الليل الحالك، كما إشارة النجم الى أولئك المجوس الغرباء فصارت البشارة الى الأبعدين قبل الأقربين وتمّت كلمة يسوع: "أوّلون يصيرون آخرين، وآخرون أوّلين".
أول من تلقّى البشرى هم الرعاة الفقراء، ذلك لأنهم بسطاء، ليس فيهم تكبّر يغلقهم على نعمة الله، أو أنانية تجعلهم يمتلئون من ذواتهم على خلاف الفريسيين والرؤساء من يحسبون أنفسهم فهماء وعظماء، الذين لم يفطنوا لحكمة الرب ولم يكتشفوا حب الله في حياتهم فتم فيهم قول يسوع: "أحمدك يا أبت، رب السموات والأرض لأنك أخفيت هذه
الاشياء عن الحكماء والفهماء وأظهرتها للأطفال (لو21:10).
لم يشك الرعاة في كلام الملائكة، ولم يتوانوا عن ترك قطعانهم عرضة لوحوش البرية في سبيل اكتشاف حقيقة البشارة الحلوة، ومن دون تردّد انطلقوا في ظلام الليل يَنشُدُون النور الحقيقي الآتي الى العالم، تماما كما فعلت مريم ساعة انطلقت لزيارة إليصابات بعد بشارة الملاك لها.
إنه الإيمان الحقيقي وتسليم الذات الكلّي، الذي يتجلّى في ردّة فعل المؤمن تجاه كلمة الله له، فلا يتوانى عن الانطلاق لتحقيق ارادة الرب من دون خوف أو تردّد، فبدل أن يكون مبشَّرا يصبح مبشِّرا، حاملا بدوره سلام الآب الى كل من يلتقيه. هكذا عادت مريم من عند اليصابات، وهكذا عاد الرعاة من مغارة بيت لحم، يحملون البشرى لكل من يلتقيهم على ما يقول الكتاب: "ولما رأوه أخبروا بالكلام الذي قيل لهم...، وجميع الذين سمعوا تعجّبوا مما قاله لهم الرعاة.(17-18)
لقد تمّت نبوءة آشعيا: "ها ان العذراء تحبل وتلد ابنا ويُدعى اسمه عمانوئيل، أي إلهنا معنا" وما معنى إلهنا معنا سوى أن الله صار واحدا منا وقد تنازل الينا، لمس ضعفنا، عرف خطيئتنا، غمرنا بنار حبه، وقد كلّمنا أخيرا بإبنه كما تقول الرسالة الى العبرانيين. فها هو لا يكلّ ولا يملّ من التفتيش على الانسان والسير معه والسعي وراءه ليخلّصَه، وهو لا ينفكّ يقول لنا كما قال للرعاة: "اليوم ولد لكم مخلّص".
إن هذه الولادة اليومية تدعونا أخوتي الأحبّة الى التمسّك بالمسيح مخلّصا فها هو يقول لنا على لسان الرسول: "ها هو الآن يوم الخلاص"(2كور2:6). فلا نقطع حبل الرجاء ولا نستسلم لليأس على رغم كل الظروف السوداوية التي تحيط بنا، وكل وسائل الإحباط التي تتربّص بنا. ان المسيح يدعونا اليوم إليه، فلا يحسب أحد منا أنّه قد فات الأوان، فإن تجسُّد الرب يخلق واقعا فريدا من نوعه في حياتنا اليومية، التزم فيه الله تجاهَنا بكلّيته لنلتزم معه بكلّيتنا، واليوم نحن نسمع صوته وهو يدعونا بلسان النبي: "أليوم اذا سمعتم صوته، فلا تقسّوا قلوبكم".
نصلّي اليك يا طفل المغارة، امنحنا إيمانا حيا ورجاء حارا وتوبة حقيقية، تخلق فينا قلبا حنونا وإرادة صلبة كي في كل مرة نسمع فيها صوتك نترك كل شيء في سبيل حبك، ونتبعك. آمين
الخوري بيار صعب
زوادة
بيحكو عن جندي تعوّد كل ليلة يركع حدّ تختو ويصلّي، وتعرّض بسبب هالشي، لكتير من السخرية والإنتقاد.
بليلة من الليالي، وبعد مسيرة طويلة تحت الشتي الغزير، فاتو الجنود على غرفهُن، وكانو تعبانين وبردانين، وبسرعة كتير كبيرة أخد كلّ واحد محلو بالفرشة ليتدفّا وينام بسلام، وما بقي إلا هالجندي المسيحي راكع متل عادتو وعم بيصلّي مسبحتو...
انزعج أحد الجنود من هالوضع، فأخد حذاؤو المغطّى بالطين وكبّو على الجندي المؤمن فصابو براسو، بسّ الصدمة كانت إنو الجندي من كترة إيمانو وغَوصو بصلاتو ما التفت لورا ليشوف مين كَبّ الحذاء إنّما تابع صلاتو وكأنّو ما في شي صار.
باليوم التاني، لاقى الجندي حذاؤو حدّ تختو نظيف وعم يلمع، فكان هالشي بمثابة طعنة بقلبو. استيقظ المسيحي من النوم وشاف منظر كتير حلو قدّامو : الجندي يلي من كم ساعة ضربو بحذاؤو، راكع على ركابو حدّ تختو عم بيصلّي ويطلب المسامحة والغفران.
الزوّادة بتقلّي وبتقلّك ”كونو بالحياة متل الفاصلة، إذا شفتو موقف بيحزّنكُن، حطّو فاصلة وكفّو طريقكُن، وما تحطّو أبدًا نقطة عند أوّل موقف بيصدمكُن... بقراركن وموقفكُن بتغيرو كتير من الناس. وبتكونو مثال لكلّ الضالين عن طريق الرب".