رعية مار اسطفان

v

مــار مـــــــارون (1)

حياته ومنسكه ودفنه

قراءة في معطيات كتاب تيودوريطس القورشي عن رهبان سورية ونسّاكها

جاء في المجمع البطريركي الماروني النص الثاني: َ“هوية الكنيسة المارونية ودعوتها ورسالتها”  المقدمة فقرة (6):

”نذكر بأن اسم الموارنة يرجع الى إسم القديس مارون المتوفي حوالي 410 والى الدير الذي بني على اسمه بعيد مجمع خلقيدونيا (451)  في منطقة أفاميا الكائنة في سورية الثانية وفق التنظيم الروماني القائم آنذاك. ويعتبر دير مار مارون بحق مهد الكنيسة الانطاكية السريانية المارونية التي نشأت في كنفه وحوله بطريركية مستقلة في تاريخ غير محدد بين نهايات القرن السابع والنصف الاول من القرن الثامن. أما القديس مارون شفيع كنيستنا التي تعيد له في التاسع من شباط ، فقد ابتكر طريقة نسكية فريدة من نوعها على جبل قورش في سورية الاولى قوامها العيش في العراء. وقد كتب سيرة حياته وحياة تلاميذه في النسك تيودوريطس القورشي (459). في كتابه الشهير عن رهبان سورية ونساكها. وذلك بين مطلع القرن الرابع ومنتصف القرن الخامس“.

في هذه القراءة لحياة مار مارون ومنسكه ودفنه نعتمد ترجمة الارشمندريت ادريانوس شكّور العربية عن الاصل اليوناني لكتاب تيودوريطس القورشي عن رهبان سورية ونساكها والتي صدرت سنة 1987 في كتاب حمل اسم” تاريخ أصفياء الله“.

ويتألف من: كلمة المترجم (شكّور) ومقدمة المؤلف (تيودوريطس) و31 فصلا. اما سيرة حياة مار مارون فنجدها في الفصل(16) وفي خمسة مقاطع من خمسة فصول أخرى وهي الفصول (6 ،21، 22 ،24 ،30 )

تاريخ أصفياء الله“. الفصل السادس عشر

_على رابية تحت قبة السماء:(1)

لننتقل بعد اكِبسيمَاس الى الكلام على ماّثر مارون ، فإن هذا كان زينة في خورس القديسين الالهيين. وكان حبا بالحياة تحت قبة السماء قد اتخذ له رابية كانت في الماضي كريمة لدى قوم من الكافرين حيت كان هيكل للشياطين. فحوّل ما فيه الى عبادة الله ثم ابتنى لنفسه صومعة حقيرة يلجأ اليها في ظروف نادرة. وكان لا يكتفي بممارسة الاتعاب الشاقة بل كان يفطن أيضا لجذب الكثيرين الى المزيد من اعمال الفلسفة. وكان الذي يكافئ على الاتعاب يغمره بالنعمة.

2_موهبة الاشفية: ومن ثم فان موزع الخيرات بسخاء كان يغدق عليه موهبة الاشفية ، حتى ذاع صيته في كل مكان ، واستجلب اليه الجموع حيثما وجدوا. ونظرا لشهرته هذه ، كان في اثناء عمله يرشدهم الى التعليم الحق. فكان يرى الأوبئة تزول بندى بركته والشياطين يهربون، وكل انواع الامراض المختلفة تعالج بدواء واحد ، فان الذين يتعاطون الطب يعالجون كل داء بدواء خاص اما صلاة القديسين فهي علاج عام للاسقام كلها.

3_معلم نسّاك وزارع فردوس نسكي في جوار قورش: وكان لا يكتفي بشفاء عاهات الجسد فحسب بل كان ايضا ياتي للنفوس بالعلاج المفيد شافياهذا من داء البخل ، وذاك من الغضب ، مانحا هذا التعليم المؤدي الى الحكمة ، وواضعا لذاك الارشادات الى الفضيلة ، مروِّضا ميوعة هذا ، ومنعشا ذاك من كسله. ولما كانت هذه هي الصبغة التي اضفاها على حقله ، فقد جعله خصيبا بالكثير من غروس الفلسفة. فكان هو نفسه الزارع لله في جوار قورش ذلك الفردوس المزهر حتى الان. وكان عمله في هذه الزراعة على مثال عمل يعقوب العظيم ، الذي سنأتي قريبا على ذكره. ومن ثم يمكن ان يطلق عليه بجدارة ذلك الصوت النبوي: "الصديق كالنخلة يزهر وكالارز في لبنان ينمو" (مز13:91). وقل هذا عن جميع الذين باذن الله ساخصهم بالذكر.

4_موته والاحتفال بذكره: وهكذا بعد ان تعاطى الفلاحة الالهية بشفائه النفوس والاجساد معا ، انتابه مرض بسيط اودى بحياته ذلك لكي نفهم ضعف الطبيعة البشرية وقوة ارادته. وقام نزاع شديد بين القرى المجاورة رغبة من كل منها في الاستيلاء على جثمانه. لكنها كانت هناك على الحدود بلدة كثيرة الرجال أقبلت بأسرها وبدّدت الأخرين وانتزعت منهم ذلك الكنز المرغوب فيه جدًا ، فشيّدوا له عندهم مقامأ فخمأ. وهم منذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا ينعمون بمنافعه فيّكرّمون هذا المظفّر العظيم بمهرجان شعبي. ولكننا نحن أيضا وعلى الرغم من ابتعاده عنّا لا نزال ننال بركته لاَننا نحن نحتفظ بذكراه عوضا عن قبره. وهذا يكفي.(2)

                                                                                                                                                                يتبع

(1)عناوين المقاطع الاربعة في سيرة حياة مار مارون اضيفت على نص تيودوريطس. وقد قمنا بتغيّر كل من عنوان المقطع الاول من "على قمة عالية" الى " على رابية تحت قبة السماء "وعنوان المقطع التالت من“ معلم نّسّاك القورشية وابوهم ”الى“ معلم نسّاك وزارع فردوس نسكي في جوار قورش“

(2) تيودورطس اسقف قورش - تاريخ اصفياء الله – ترجمةعن اصله اليوناني الارشمندريت ادريانوس شكور-

المطبعة البولسية جونية- لبنان \ 1987